بركة من الله وأمر. قرئ على أبي جعفر محمد بن جرير الطَّبري في سنة ست وثلثمئة، قال: الحمد لله الذي حَجَّت الألبابَ بدائعُ حِكَمه، وخَصَمت العقولَ لطائفُ حُججه (1) وقطعت عذرَ الملحدين عجائبُ صُنْعه، وهَتفتْ في أسماع العالمينَ ألسنُ أدلَّته، شاهدةٌ أنه الله الذي لاَ إله إلا هو، الذي لاَ عِدْلَ له معادل (2) ولا مثلَ له مماثل، ولا شريكَ له مُظاهِر، ولا وَلدَ له ولا والد، ولم يكن له صاحبةٌ ولا كفوًا أحدٌ؛ وأنه الجبار الذي خضعت لجبروته الجبابرة، والعزيز الذي ذلت لعزّته الملوكُ الأعزّة، وخشعت لمهابة سطوته ذَوُو المهابة، وأذعنَ له جميعُ الخلق بالطاعة طوْعًا وَكَرْهًا، كما قال الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } [سورة الرعد: 15]. فكل موجود إلى وَحدانيته داع، وكل محسوس إلى رُبوبيته هاد، بما وسَمهم به من آثار الصنعة، من نقص وزيادة، وعجز وحاجة، وتصرف في عاهات عارضة، ومقارنة أحداث لازمة، لتكونَ له الحجة البالغة.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar